تجمعتِ الأحزابُ من كلّ فاسقٍ
|
| وقامَ ابنُ ودٍّ يستشيطُ ويستشري
|
وحاكت بأوهامِ الدِّمقْسِ قناعَهم
|
| بنو قَينُقَاعٍ وامتطوا منكِبَ الغدرِ
|
تزجُّ بهم من كلّ نارٍ وجمرةٍ
|
| وتشحذُهم حقداً أباطرةُ المَكرِ
|
أتيتم فذوقوا من لظى ياسَمِينها
|
| وغوروا فرادى تجأَرُونَ منَ الذعرِ
|
فقد أنِفَت أشلاءَكم خيرُ تربَةٍ
|
| وضاقَ بكم يَمُّ اللآلئ والدرّ
|
قلنْسُوةُ المبكى تلوكُ رؤوسكم
|
| وأقداحكم حُبلى بزقّومِها المُرِّ
|
كذلكَ مَكرُ السوءِ حاقَ بأهلهِ
|
| ويرتدُّ كيدُ الظالمينَ إلى النحرِ
|
ألا كلُّ يومٍ يومُ خيرٍ ورحمةٍ
|
| وفي كلّ أسبوعٍ لنا جمعةُ القطرِ
|
ألا تلكَ سوريّا خبرتُم ربيعَها
|
| شقائقُ نعمانٍ بناصيةِ الفجرِ
|
وسيفُ ابنِ حمدانٍ ـ وما زالَ واقفاً
|
| بجفنِ الردى ـ يبري الطغاةَ فيستمري
|
وليس صلاحُ الدينِ غير صلاحِها
|
| ولا صرخةُ القسّامِ إلا على الأمرِ
|
ويوسفُ أبقى ميسلونَ علامةً
|
| يطلّ بها عزماً ويشمخُ كالنسرِ
|
وصالحُ أضراها على البغيِ ثورةً
|
| وذخّرَ أغصانَ المواويلِ بالسُّمرِ
|
وقامَ هنانو (1) في أهازيجِ عرسِها
|
| يعدُّ مهورَ الغيدِ من مِقبضِ الحرّ
|
ومن جبَلِ السلطانِ إكليلُ غارِها
|
| أَظلَّتْ عليها المشرفيّةُ كالخدرِ
|
وما زالَ ( جولُ ) اللاذِقيّةِ مُبحِراً
|
| تعانقهُ الأمواجُ صادقةَ النذرِ
|
بلادي بلادُ العيدِ أترفها اللظى
|
| فليسَ لها يومٌ يمرّ بلا نَحرِ
|
قرابينُها أزكى الأضاحي مجامراً
|
| وأهدَى علاماتٍ من الأنجُمِ الزُّهْرِ
|
لها أسدٌ قد أسرجَ الريحَ عاصفاً
|
| وأفردهُ الديجورُ كالقمرِ البدرِ
|
فأيقظَ فينيقَ الجنوبِ زئيرُهُ
|
| وفكّ رُقومَ البابليّةِ والسحرِ
|
بلادي وإن جارَ الصديقُ لها يدٌ
|
| تُرَبّتُ غفراناً وتُرجِفُ ذا وَقْرِ
|
عسى تنفعُ الذكرى أسيتانةَ القذى
|
| وتمسكُ ذيلاً من قياصرةِ القصرِ
|
ويا رُبَّما عادَ الشقيقُ عنِ الشقا
|
| وقد أوغلَ الأشقى وعضَّ على عشرِ
|
فمنجلُ سور الصينِ هلَّ ولم تزلْ
|
| أهلَّتُكم يا أهلُ مخسوفةً شطري
|
وفي الأرضِ تسبيحٌ بكلِّ لغاتِها
|
| يغازلُ وجهَ الشامِ والنَّذرُ بالنَّذرِ
|
لئن جرَحَتها الحادثاتُ بمِديَةٍ
|
| فإنّ جراحَ الشامِ قارورةُ العطرِ
|
تأنّقَ طوقُ الياسمينِ ورتّلتْ
|
| لأهلِ الوفا أنفاسُهُ عبقَ الشكرِ
|
|
|
|
فأينَ منَ الأحرارِ أزلامُ ميسرٍ
|
| تنادوا على الفحشاءِ في حانَةِ الخمرِ
|
وأيُّ عواءٍ والزئيرُ لنا صدىً
|
| يدمدمُ في أوصالِهم ساعةَ الصفرِ
|
وأنَّى يطالُ السنديانَ على الربا
|
| نباتٌ طفيليٌّ أقامَ بلا جذرِ
|
أروني أنا السوريُّ أيَّ جريرةٍ
|
| أثِمتُ بكم فيها لكي تطعنوا ظهري
|
أنا اليعربيّ الحرُّ كيفَ ربا لكم
|
| نجيعي وهلْ يبدو كآبارِكم نحري
|
لئن سالَ ظهري من لئيمِ حِرَابِكم
|
| فليسَ يُعابُ الليثُ من طعنةِ الغدرِ
|
ولي وطنٌ فوقَ الثريّا ترابُهُ
|
| نذرتُ شراييني لأفيائهِ الخضرِ
|
فلم يدنُ طيرٌ من فضاءاتِ عزّتي
|
| ولا ماردٌ إلا وسربلَهُ زجري
|
فيا ذائبَ الأشداقِ لا زلتَ والِغاً
|
| تسيلُ بكَ الأطمارُ سافِرةَ الوِزرِ
|
كتابكَ تلمودٌ وفتواكَ فتنةٌ
|
| فلا فكّ عنكَ الله لازمةَ الإصرِ
|
وعرّابةُ الأحقادِ تُضري جِراءَها
|
| وتنفخُ أوداجَ السفاهةِ والكفرِ
|
ويُبْرِقُ أشقاها ويرعدُ حاقِداً
|
| فتنبتُ أطباقُ الشياطينِ كالفطرِ
|
يفورونَ كالديدانِ من جِيَفِ الخنى
|
| فأحياؤهم مَوتى على جُرُفِ القبرِ
|
ونحن وخيرُ الماكرينَ إلهنا
|
| نَكيلُ بقسطاسٍ ونعفو على قَدرِ
|
ونستلُّ أشفارَ السيوفِ من الردى
|
| ونطوي على الكأداءِ عاقبةَ الصبرِ
|
تُدارُ لنا الأيامُ كأساً من الضحى
|
| وتلبسنا الأوطانُ من سُندُسٍ خُضرِ
|
محاجرُ فجرِ النورِ نحنُ تلاقَحَت
|
| بريحِ مغانينا حدائقُ ذي الفكرِ
|
سنعلنُ باسمِ الحبّ عصرَ مُروءةٍ
|
| ونقرأ بسمِ اللهِ فاتحةَ النصرِ
ــــ يتبع
|